روائع مختارة | روضة الدعاة | الدعاة.. أئمة وأعلام | جابر بن حيان.. رائد الكيمياء الحديثة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > الدعاة.. أئمة وأعلام > جابر بن حيان.. رائد الكيمياء الحديثة


  جابر بن حيان.. رائد الكيمياء الحديثة
     عدد مرات المشاهدة: 3445        عدد مرات الإرسال: 0

" نحن علمنا العالم "، هذه الجملة يعلمها بحق كل من اطلع على العطاء الحضاري الذي قدمه علماء المسلمين للعالم كل العالم.

ومعنا في هذه المقالة علم من أعلام العطاء الحضاري للأمة الإسلامية في أوج ازدهارها، وأنموذج مشرق من صفحات الحضارة الإسلامية في مجال الكيمياء والعلوم التطبيقية، إنه أبو الكيمياء جابر بن حيان.

**من هو جابر بن حيان***

هو أبو عبد الله جابر بن حيان بن عبد الله الأزدي، طبيب عربي، عاش في العراق بالكوفة وبغداد، وهو أول من اشتغل بالكيماء القديمة ونبغ فيها، حتى إن العرب سمَّوا الكيمياء عامة "صنعة جابر"، إشارة إلى أن "جابر بن حيان" هو أول من زاولها.

وكشف عن مفردها ومركِّبها، وتناول في كتاباته الفلزات وأكاسيدها وأملاحها، وأحماض النتريك والكبريتيك والخليك، وعالج القلويات وحضَّرها ونقَّاها بالبلورة والتقطير، والترشيح والتصعيد.

إن جابر بن حيان هو الذي وضع الأسس العلمية للكيمياء الحديثة والمعاصرة، وشهد بذلك كثير من علماء الغرب.

فقال عنه Berthelot برتيلو:"إن لجابر في الكيمياء ما لأرسطو في المنطق".

وقال عنه الفيلسوف الإنكليزي (باكون): (إن جابر بن حيان هو أول من علم علم الكيمياء للعالم، فهو أبو الكيمياء)

ويقول ماكس مايرهوف: يمكن إرجاع تطور الكيمياء في أوربا إلى جابر ابن حيان بصورة مباشرة. وأكبر دليل على ذلك أن كثيرًا من المصطلحات التي ابتكرها ما زالت مستعملة في مختلف اللغات الأوربية.

لقد عمد جابر بن حيان إلى التجربة في بحوثه، وآمن بها إيمانا عميقا.

وكان يوصي تلاميذه بقوله:"وأول واجب أن تعمل وتجري التجارب، لأن من لايعمل ويجري التجارب لا يصل إلى أدنى مراتب الإتقان. فعليك يابني بالتجربة لتصل إلى المعرفة".

**أصل كلمة كيمياء: ***

يذكر بعض المؤرخين أن العلماء المسلمين الذين اشتغلوا بعلم الكيمياء منذ عهد جابر بن حيان اشتقوا لفظ(الكيمياء) من نفس لغتهم العربية.

وأصل كلمة كيمياء في اللغات الأجنبية هو (الكمي ـــ Alchemy). وتدل أداة التعريف (الـ) على الأصل العربي ولاشك. ويقول نفر من المؤرخين أن كلمة (كمي) من أسماء مصر القديمة وتعني الأرض السوداء.

وهناك فئة تقول بأن الكلمة أصلها يوناني قديم وعن الأصل نقل جابر وأمثاله من العلماء العرب والمسلمين ومعنى الكلمة اليونانية هو صهر المعادن وصبها. وكانت صناعة المعادن آنئذ جزءًا لا يتجزأ من عمل علماء الكيمياء والمشتغلين بهذا الفن بصفة عامة.

**علماء المسلمين حرروا علم الكيمياء من الخرافة ***

بدأت الكيمياء خرافية تستند على الأساطير البالية، حيث سيطرت فكرة تحويل المعادن الرخيصة إلى معادن نفيسة. وذلك لأن العلماء في الحضارات ما قبل الحضارة الإسلامية كانوا يعتقدون المعادن المنطرقة مثل الذهب والفضة والنحاس والحديث والرصاص والقصدير من نوع واحد، وأن تباينها نابع من الحرارة والبرودة و الجفاف والرطوبة الكامنة فيها وهي أعراض متغيرة (نسبة إلى نظرية العناصر الأربعة، النار و الهواء و الماء والتراب)، لذا يمكن تحويل هذه المعادن من بعضها البعض بواسطة مادة ثالثة وهي الإكسير.

ومن هذا المنطلق تخيل بعض علماء الحضارات السابقة للحضارة الإسلامية أنه بالإمكان ابتكار إكسير الحياة أو حجر الحكمة الذي يزيل علل الحياة ويطيل العمر.

فعلم الكيمياء مر بحقبة من الزمن سادتها الخرافات و الشعوذة ولكن علماء العرب المسلمين هم الذي حرروها من ذلك الضجيج الفاسد الذي لا يعتمد على علم، بل كان مصدرها الوهم والبلبلة.

وبالفعل تأثر بعض العلماء العرب و المسلمين الأوائل كجابر بن حيان و أبو بكر الرازي بنظرية العناصر الأربعة التي ورثها علماء العرب والمسلمين من اليونان. لكنهما قاما بدراسة علمية دقيقة لها؛ أدت هذه الدراسة إلى وضع وتطبيق المنهج العلمي التجريبي في حقل العلوم التجريبية.

فمحاولة معرفة مدى صحة نظرية العناصر الأربعة ساعدت علماء العرب والمسلمين في الوقوف على عدد كبير جدًا من المواد الكيماوية، وكذلك معرفة بعض التفاعلات الكيماوية , لذا إلى علماء المسلمين يرجع الفضل في تطوير اكتشاف بعض العمليات الكيميائية البسيطة مثل: التقطير- التسامي- الترشيح - التبلور - التكسيد

**مكتشفات ابن حيان في مجال الكيمياء***

كانت أهم الإسهامات العلمية لجابر في الكيمياء إدخال البحث التجريبي إلى الكيمياء، وهو مخترع القلويات المعروفة في مصطلحات الكيمياء الحديثة باسمها العربي Alkali، وماء الفضة.

وهو كذلك صاحب الفضل فيما عرفه الأوربيون عن ملح النشادر، وماء الذهب، والبوتاس، وزيت الزاج (حمض الكبريتيك).

كما أنه تناول في كتاباته الفلزات، وأكسيدها، وأملاحها، وأحماض النتريك والكبريتيك، وعمليات التقطير، والترشيح، والتصعيد.

ومن أهم إسهاماته العلمية كذلك، أنه أدخل عنصرَيْ التجربة والمعمل في الكيمياء وأوصى بدقة البحث والاعتماد على التجربة والصبر على القيام بها، فجابر يُعَدُّ من رواد العلوم التطبيقية.

وتتجلى إسهاماته في هذا الميدان في تكرير المعادن، وتحضير الفولاذ، وصبغ الأقمشة ودبغ الجلود، وطلاء القماش المانع لتسرب الماء، واستعمال ثاني أكسيد المنغنيز في صنع الزجاج.

وشرح بالتفصيل كيفية تحضير الزرنيخ، والأنتيمون، وتنقية المعادن وصبغ الأقمشة.

و اكتشف أن الشب يساعد على تثبيت الألوان، كما أنه صنع ورقًا غير قابل للاحتراق، وحضر أيضًا نوعًا من الطلاء يمنع الحديد من الصدأ.

كما أن جابر هو أول من استعمل الموازين الحساسة، والأوزان المتناهية في الدقة في تجاربه العلمية.

واكتشف "الصودا الكاوية" أو القطرون، و هو أول من استحضر ماء الذهب والفضة بخلطهما بحامض الكبريت وحامض النتريك، و أول من أدخل طريقة فصل الذهب عن الفضة بالحلّ بواسطة الأحماض، وهي الطريقة السائدة إلى يومنا هذا.

وأول من اكتشف حمض النتريك و حمض الهيدروكلوريك، و أدخل تحسينات على طرق التبخير والتصفية والإنصهار والتبلور والتقطير.

**مؤلفاته:***

جاء في "الأعلام" للزركلي أن جابرًا له تصانيف كثيرة تتراوح ما بين مائتين واثنين وثلاثين وخمسمائة كتاب، لكن ضاع أكثرها. وقد ترجمت بعض كتب جابر إلى اللغة اللاتينية في أوائل القرن الثاني عشر، كما ترجم بعضها من اللاتينية إلى الإنجليزية عام 1678م، وفي سنة 1928م أعاد هوليارد صياغتها، وقدم لها بمقدمة وافية، وظل الأوربيون يعتمدون على كتبه لعدة قرون.

من أهم هذه الكتب:

1 - كتاب " السموم ودفع مضارها ": كتاب في خمسة فصول تبحث أسماء السموم و أنواعها وتأثيراتها المختلفة على الإنسان والحيوان. والعلامات والعلاج والحذر من السموم وفيه قسم السموم إلى سموم حيوانية ونباتية وحجرية كالزئبق والزرنيخ والزاج. وهذا الكتاب يعتبر همزة وصل بين الطب والكيمياء.

2 - نهاية الاتقان: وهو مؤلف رائد في الكيمياء.

3 - أصول الكيمياء

3 - استقصاءات المعلم

4 - الموازين الصغير

5 - كتاب الرسائل السبعين: ويشمل سبعين مقالة حول أهم تجاربه في الكيمياء والنتائج التي توصل إليها ويمكن اعتباره خلاصة ما وصل إليه علم الكيمياء عند العرب في عصره.

توفي جابر بن حيان حوالي عام 199 هـ، الموافق 815 م على اختلاف بين المؤرخين.

فهل بعد اطلاعنا على ماقدمه هذا العالم الجليل للعالم، نعرف كم خسر العالم كل العالم بانحطاط المسلمين في عصرنا الحاضر، وهل من همة لشبابنا كي نصل حاضرنا بماضينا ليكون مستقبلنا زاهرًا بإذن الله، هذا هو أملنا ولا يتحقق الأمل إلا بالعمل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الكاتب: ربيع محمود

المصدر: موقع الشبكة الإسلامية